سورة آل عمران - تفسير تفسير ابن جزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (آل عمران)


        


{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (64) يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (65) هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (66) مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (67) إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (68)}
{قُلْ ياأهل الكتاب} خطاب لنصارى نجران، وقيل: اليهود {سَوَآءٍ} أي عدل ونصف {أَلاَّ نَعْبُدَ} بدل من كلمة أو رفع على تقدير هي، ودعاهم صلى الله عليه وسلم إلى توحيد الله وترك ما عبدوه من دونه كالمسيح والأحبار والرهبان {لِمَ تُحَآجُّونَ في إبراهيم} قالت اليهود: كان إبراهيم يهودياً وقال النصارى: كان نصرانياً، فنزلت الآية ردّاً عليهم لأن ملة اليهود والنصارى إنما وقعت بعد موت إبراهيم بمدة طويلة {هاأنتم} ها تنبيه، وقيل: بدل من همزة الاستفهام، وأنتم مبتدأ وهؤلاء خبره وحاججتم استئناف؛ أو هؤلاء منصوب على التخصيص وحاججتم الخبر {فِيمَا لَكُم بِهِ عِلمٌ} فيما نطقت به التوراة والإنجيل {فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ} ما تقدم على ذلك من حال إبراهيم {مَا كَانَ إبراهيم يَهُودِيّاً وَلاَ نَصْرَانِيّاً} ردّ على اليهود والنصارى {وَمَا كَانَ مِنَ المشركين} نفي للإشراك الذي هو عبادة الأوثان، ودخل في ذلك الإشراك الذي يتضمن دين اليهود والنصارى {وهذا النبي} عطف على الذين اتبعوه: أي محمد صلى الله عليه وسلم {أَوْلَى الناس بإبراهيم} لأنه على دينه {والذين آمَنُواْ} أمة محمد صلى الله عليه وسلم.


{وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (69) يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (70) يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (71) وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (72) وَلَا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (73)}
{وَدَّت طَّآئِفَةٌ} هم اليهود، دعوا حذيفة وعماراً ومعاذاً إلى اليهودية {وَمَا يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ} أي لا يعود وبال الإضلال إلا عليهم {وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ} أي تعلمون أن محمداً صلى الله عليه وسلم نبي {لِمَ تَلْبِسُونَ الحق} أي تخلطون: والحق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم والباطل الكفر به {آمِنُواْ بالذي أُنْزِلَ} كان قوم من اليهود لعنهم الله أظهروا الإسلام أول النهار، ثم كفروا آخره ليخدعوا المسلمين فيقولوا: ما رجع هؤلاء إلاّ عن علم، وقال السهيلي: إنّ هذه الطائفة هم عبد الله بن الصيف، وعدي بن زيد، والحارث بن عوف {أَن يؤتى أَحَدٌ مِّثْلَ مَآ أُوتِيتُمْ} يحتمل أن يكون من تمام الكلام؛ الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقوله متصلاً بقوله: إن الهدى هدى الله وأن يكون من كلام أهل الكتاب فيكون متصلاً بقولهم: ولا تؤمنوا إلاّ لمن تبع دينكم، ويكون إنّ الهدى اعتراضاً بين الكلامين، فعلى الأول يكون المعنى: كراهة أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم وقلتم ما قلتم، ودبرتم ما دبرتم من الخداع، فموضع أن يؤتى مفعول من أجله، أو منصوب بفعل مضمر تقديره: فلا تنكروا أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم من الكتاب والنبوة، وعلى الثاني فيكون المعنى: لا تؤمنوا، أي لا تقروا بأن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم {إِلاَّ لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ} واكتموا ذلك على من لم يتبع دينكم لئلا يدعوهم إلى الإسلام، فموضع أن يؤتى مفعول بتؤمنوا المضمن معنى تقروا، ويمكن أن يكون في موضع المفعول من أجله: أي لا تؤمنوا إلاّ لمن تبع دينكم كراهية أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم {أَوْ يُحَآجُّوكُمْ} عطف على أن يؤتى، وضمير الفاعل للمسلمين، وضمير المفعول لليهود {إِنَّ الفضل بِيَدِ الله} ردّ على اليهود في قولهم: لم يؤت أحداً مثل ما أوتي بنو إسرائيل من النبوة والشرف.


{وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75) بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (76)}
{وَمِنْ أَهْلِ الكتاب} الآية: إخبار أن أهل الكتب على قسمين: أمين، وخائن. وذكر القنطار مثالاً للكثير؛ فمن أدّاه: أدّى ما دونه، وذكر الدينار مثالاً للقليل، فمن منعه منع ما فوقه بطريق الأولى {قَآئِماً} يحتمل أن يكون من القيام الحقيقي بالجسد، أو من القيام بالأمر، وهو العزيمة عليه {ذلك بِأَنَّهُمْ} الإشارة إلى خيانتهم والباء للتعليل {لَيْسَ عَلَيْنَا} زعموا: بأنّ أموال الأمّيين وهو العرب حلال لهم {الكذب} هنا قولهم، إنّ الله أحلها عليهم في التوراة، أو كذبهم على الإطلاق {بلى} عليهم سبيل وتباعة ضمان في أموال الأمّيين {بِعَهْدِهِ} الضمير يعود على من أو على الله.

4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11